على مقعد الطائرة
على مقعد الطائرة .. شدني ذلك الرجل العجوز البسيط وهو يحنو على زوجه التي بجانبه ويصبرها وهي تبكي على شيء لا أعلمه ... حاولت وأنا العربي الذي يقتلني الفضول أن أعرف سر هذا الألم الذي يفيض منهما لكني خجلت ..!
بعد أن أقلعت الطائرة ولطول المسافة نامت زوجته وهوما يزال مستيقظاً .. أدرك أني أنظر اليه .. حيّاني بابتسامة كسرت حاجز الخجل مني ...رددت عليه التحية .. بل قمت وغيّرت مقعدي مؤقتا الى مقعد بجواره ...قلت له من اين أنت ياعم ؟
قال لي من قلب أرض عريقة في الكآبة والحرمان، مبطنة بالشعر والتاريخ ... من العراق ... قلت في نفسي آه ...!!
لقد اختصرت علي السؤال ياعم ... قال لي مثلي على الطائرة كثير .. لم أكن أعلم ان هذه الطائرة التي تقلنا إلى هولندا قادمة من بغداد ومن ثم ستقلنا وتكمل سيرها الى امستردام .. أخبرني أنه راحل الى هولندا ليعيش هو وزوجته عند ابنه الذي يقيم كلاجئ هناك ...راحل بعد أن فقد في العراق ابنته وزوجها وأبناءهما..وفقد كذلك أخاً له ...هو حزين هو وزوجه أنهما لن يموتا في ريف العراق الحزين ..هو حزين هو وزوجه أنهما لن يريا بعد الآن ليالي بغداد التي ملؤها الأنين هو يخشى رغم الألم من ذاك الحنين ...عيناه تدمع وتقول لي : إني يا ابني لأخجل أن أعرّي هكذا بؤسي أمام الآخرين ...!! أو أن أمرّغ ذكرياتي في التراب فنحن , ياابني ... قوم طيبون بسطاء يمنعنا الحياء من الوقوف أبداً على أبواب الآخرين جائعين ...!!
على الشاشة التي أمام المقاعد والتي تبين خريطة الرحلة .. تظهر الطائرة وهي تحلق فوق سماء بغداد ... آه .. وددت لو هبطت هناك وقضيت ولو ليلة في ريف العراق الحزين !!
تعليقات
إرسال تعليق